تعبير عن طفولة مفيدة جدا
إنّ الطفولة كالأركان للبنيان المشيد، كلّما صلحت الأركان ومتنت واشتدّت، كلّما تماسك البنيان وصمد في
وجه التحدّيات، أو لِنقلْ هي كالبذرة للنبات كلّما كانت جيدةً كلما أثمرت وأينعت ثمارًا طازجةً،
فكلّما حَسنت تربية الإنسان
في الطفولة كلما نشأ قويًّا لا يهاب الصعاب، وله شخصيته الجريئة والقوية والواعية. إذا ما
تمعن المرء في مرحلة الطفولة وتفاصيلها أبصر بعين نافذة أنّ كلّ معاني السلام التي ينادي
بها العالم وأكبر المنظمات الدولية تتجلى في
نظرة من عينين لامعتين، وفي بسمة خفية من شفتين ورديتين من طفل بريء ينظر إلى
والدته وهي تحمل له الطعام. الطفولة سلام لا نهائي، وسلام فريد أصيل لا مثيل له،
سلام لا يشوبه حقد ولا كره ولا بغضاء ولا
مشاحنات، سلام في القلب وفي القول وفي الفعل، وبمراقبة بسيطة يُمكن اكتشاف عظمة هذا السلام؛
إذ إنّ الطّفل لا يعرف الحقد، يغضب منه والده ويوبّخه، وبعد قليل تراه يرتمي في
أحضانه ويُلاعبه، وينسى ما الذي حصل
قبل هنيهة. ذاك طفل يحزن لأنّ والدته منعته من القيام بأمر يحبّه، وبعد قليل يركض
إليها يُقبّلها ويُلاعبها بحب وحنان تعجز أمامها ألسنة أكبر الأدباء والشعراء والكتّاب، فهذا القلب الصافي
والعقل النقي لا يعرف الحقد ولا يعرف الكره،
ولو كان بمقدوره لوزّع السلام والحب على كل العالم، وكل من يريد أن يتعلّم معنى
السلام الحقيقي فليراقب سلوك الإنسان في مرحلة الطفولة. السلام في مرحلة الطّفولة هو واسطة العقد،
فهو الأساس الذي يُزيّن قلوب الأطفال،
وينعكس في نظراتهم وابتساماتهم، عندما يحنو الطّفل بيده على قطة وبكل براءة يمسح رأسها دون
أن يخاف من أن تخدشه؛ فذلك لأنّه على يقين أنّ كلّ من حوله يحمل في
داخله فطرة السلام، ويعلم أنّه لن يؤذي القطة فهي
لن تؤذيه. الطفولة هي المرحلة العمرية الأولى التي يعيشها الإنسان دون أن تكدّرها الحياة بشوائبها
أو أن تبدّل قيمها ودون أن تغيّر من أخلاقه ومبادئه وسلوكياته، فيتعامل بفطرته السليمة، ويرى
كل شيء جميلًا كجنة غنّاء
يضحك لأبسط أمر ويفرح بأصغر هدية، يُخفّف من وطأة صعوبات الحياة على قلب أبويه، وينسيهما
همّهما حتى دون أن ينطق، فكم هي عظيمة هذه الطفولة. سلام الطفولة يتجلّى في أدقّ
التفاصيل وأحلاها، فعندما يحزن طفل لأنّه
رأى في إحدى المشاهد التلفزيونية طفلًا تائهًا، فهذا لأنّه يرى السلام يُحيط به ويشعر أنّ
الحياة يجب أن تكون مثالية كما هو قلبه، فالطفل كالفراشة الملونة الجميلة في وسط جماعة
من البعوض، تحلّق مباهية بألوانها لا يهمها
ما يحيط بها، لأنّ بهاءها يطغى على كلّ شيء قبيح
تعبيرات عن الطفولة